Social Icons

الرسالة العاشرة لـ تدرين : وليد حمدي اسرائيل

تدرين :
الواحد حين يشعر أنه مُهمَل ، يحاول أن يستدل علي نفسه بظل ، أو يصرخ ليقول لديّ صوت . هناك حكاية عن جنيّ اسمه " أصمودي " _ كما في الأساطير _ما يميزه نقله و فضوله للمعرفة . كان راضيًا يشعر بسعادة مراقبة الناس مع اختفائه هو عن الأنظار . حتي أحس أنه عرضة للامبالاة ، لا أحد يعلم بوجوده ، لا أحد يلتفت له أو يهتم به . باغته يأس جارف في يوم ، مع أنه يقينه بأن أحدًا لن يصغي إليه ، صرخ بأعلي صوته : " أعينوني إني بحاجة إليكم و أنتم بحاجة إليّ " .
أزمة هذا العالم ، أن الخوف هو الذي يحكم الأمور ، لا يعطي الكثير من الفرص ، و إن أعطي يعطي فرص مشروطة دون خيارات .
أكره البيوت و أحب الشوارع و المقاهي . الشوارع أكثر حرية ، حرية من التملك . ألسنا جميعًا نريد أن نمتلك أشياء تبقي بانتظارنا حتي نعود إليها ؟ أليس كل واحد يحب أن يصحو في سريره هو ؟ أحاول دائمًا أن أتخلي عن فكرة البيوت . الواحد حرٌ بمقدار ما يظن _ دون هوس _ أنه حر. الذي ليس قادر علي السير وحده ليس حرًا . الطائر الذي ليس قادرًا علي الغناء و الطير وحده ليس حرًا يستحق قفصًا لا أجنحةً . هل علي الفراشة انتظار أن يُوضع السياج كي تطير ؟
تعرفين : لا شروط بيننا ، لا أسباب . أيًا كان ما بيني و بينك _ لا أحب توصيف الأمور _ حر من أي سبب ، المسافات بيننا ربما كمال ، لست مهتمًا هل تذكرين وجهي أم لا . أقول لنفسي أني عرفتك مصادفة _ ألف شكر للمصادفة السعيدة _ و لا أسباب ، و أنا تقاربنا بسبب و زال . كل شيء هو ما يبقي بعد زوال أسبابه . شتان أنا و أنتِ و غيمتان . هذا القليل بيننا كثير جدًا .
أعرف أن القلق يحوذك مرة أخري ، أنكِ لم تعودي تحملين عبء شخصك وحدك ، لا تحبين نفسك ، و أنها القاهرة لكِ ، إنه لشيء مؤلم أن يكون المنقذ هو القاهر لنا . لا تعرفين كيف تربطين البداية بالنهاية ، لا تجدين مبررًا لأمورك ، تقولين أنكِ سيئة لكن ليس لهذا الحد و تشكين في طيبتك ، تريدين الابتسام و لكنك تشعرين بشيء آخر ، تحاولين البكاء ،و لكنك تشعرين بشيء آخر. كنت تريدين الاحتفاظ بأمور و لا تستطيعين ، تريدين النسيان و لا تقدرين . و لا تفعلين هذا الشيء الذي تريدينه لأنك خائفة ألا يعني شيء . السنين تمر فارغة من أمامك و تتسائلين كيف تملئينها .
لستُ معنيًا بشعرك الفاحم . لستُ معنيًا بعينيكٍ الوديعتين . لستُ معنيًا بصوتك المتهدج كڤايلون . لستُ معنيًا بمعمار جمالك . معنيٌ بصياغة روحك ، بالحمام و الأزهار الزرقاء في قلبك . لا ضير أن تواري ابتسامتك ، حتي الملائكة تتعب من ابتسامتها و بياضها . لا ضير من القلق حين يستعصي النوم في منتصف الليل ، ربما يستثيرك للرقص . لا ضير ان تنزوي في غرفتك ، الزهرة تنزوي في ظل شجرة .
كثيرةٌ أنتِ
كثيرةٌ جدًا .

.أذكرِك أنكِ حلوة.

حقوق الطبع والنشر ، محفوظة لـ مجلة انا وذاتي