Social Icons

الرسالة الثالثة عشر لـ تدرين : وليد حمدي اسرائيل

تدرين :
في قصة " الذاكرة " يحكي " بورخيس " عن " فونيس " الذي تعرض لحادثة فأصبحت لديه ذاكرة لا تنسي شيئًا . لكنها باتت _ كما يصفها _ أشبه بنفايات مكدسة . الذاكرة التي سيموت تحت ثقل ماضيها ، لم يستطع تحمل تفاصيله .
الذاكرة اللعنة المشتهاة التي تتمثل دائمًا أما الواحد ، مُرسخةً الإحساس بالخطيئة و لا يفارقه . أقسي كلمة في عالمنا هي " الخطيئة " قد يرتكب الواحد بعض الأخطاء لكنها لا تكون خطيئة أبدًا .
يروي " بريمو ليفي " أنه دخل معسكر الاعتقال و غادره غير مؤمن . كان ينتظر أما اللجنة التي ستقرر ما إن كان سيذهب لغرفة الغاز أم أنه بصحة جيدة تسمح له بالاستمرار في العمل . أحس برغبة في الصلاة لكن لم يدم هذا الاحساس إلا ثانية، تراجع و قال لنفسه في قسوة :" لا شيء يتبدل في نهاية الشوط " و يضيف أن الصلاة في تلك اللحظة أكبر كفر يمكن أن يقدم عليه شخص مؤمن .
تعرفين : " الكفر الأكبر هو ألا يشعر الواحد بالرأفة تجاه نفسه " .
كثيرًا ما أريد أن أقول لكِ :" أنا أفهمكِ " . لكني اتراجع ، أخاف يومًا لا أفهمكِ فيه و لا أري روحك شفافة . أريد أن أقول أفهمكِ لأخبركِ أنكِ لستِ سيئة أبدًا ، أنكِ جميلة ، و أن عليكِ ألا تسمعي لأحد يقول :" لو كنت مكانك " لأنه لو أحد مكانك ، خوفك و ألمك ، لفعل نصًا كل ما فعلتيه .
أنتِ جميلة .
من الصعب أن يبتكر الواحد صديقًا. أريد أن أكون " صديقك الذي عندما تذهبين إلي كل أصدقاءك و لا تجدين أحدًا ، أكون أنا في طريقي إليكِ أو في انتظارك أمام البيت . صديقك ، الذي تجدين معه براءتك حين تخطئين ، الذي يسمعك حين تتكلمين و يصدقك حين لا يؤمن بكِ أحدًا "
لا .
لا أريد أن أكون صديقك . و لا أريد أن أكون أي " توصيف " . أريد فقط أن تكوني " أنتِ " حرة ، حرة من كل شيء و أي شيء . ألا تكوني غارقةً في نفسك ، خفيفة ، تغنين و تبتسمين . أحب شاعر يوناني اسمه " كوستيس موسكوف " كان يقول :" الحب ليس مصادرة للحبيب ... كيف يمكن أن تكون مساحة حريته لا سجنه ، تلك هي المسألة "
لم يكن بودي أن أحادثك بالأمس و لا تجدين راحتك . كنت أريد أن أكون لكِ كتفًا ،استعير شفاة تقول لكِ " أنكِ حلوة " بما يليف بكِ . وأنه كان خطأ حين كنت جوارك و لم أربت _ علي الأقل _ فوق كتفك . و اعتذر أني لست عونًا لكِ بما يكفي .
كيف ليّ أن اسميكِ . الملائكة تجيئك كل ليلة تسألك عن حكاية لكنكِ تقولين : " سأحكي لكم حلمًا " . أسميكِ وردة ؟ لكنكِ لا تذبلين .
ضعيفة أنتِ ؟ لا . أنتِ حقيقة . خائفة ؟ لا ؟ هذا انتظار قديم . يقول " موسكوف " في واحدة من أقرب قصائده لقلبي :" تُري هل ستنبتين مرة أخري ؟ هل ستزهرين هذا الربيع ، من جديد ؟ "

أُذكركِ أنكِ حلوة .

حقوق الطبع والنشر ، محفوظة لـ مجلة انا وذاتي