Social Icons

الرسالة الحادية عشر لـ تدرين : وليد حمدي اسرائيل

تدرين :
 ينقل "بورخيس" عن القس "بيركلي " قوله : " إن طعم التفاحة ليس في التفاحة نفسها _فالتفاحة بذاتها لا طعم لها_ و ليس في فم من يأكلها و إنما هو في التواصل بين الاثنين ".
و هو ما استعيره هنا .
أسوأ اللحظات ، تلك التي يدرك فيها الواحد مدي هشاشته ، كم الحياة مائلة به ، و مائلة عليه ، حد أن تنهار فوقه بكل ثقلها ، لا أحد ينتبه لذلك ، العالم سيتواطئ مع حزنك و لن يفعل شيء لأجلك.
تقف أمام المرآة ، فتري بداخلك بقعة فقيرة ينقصها الكثير و الكثير ، و أنها بحاجة إلي أن تُملأ بشيء .
كيف ينجو الغارق في نفسه ؟
الواحد يحاول دائمًا أن يحافظ علي طعم الثمرة المحرمة في فمه ، و ألا يفقد الصلة بالأشياء من حوله ، الأشياء دوننا _ دون رغبة منا فيها _ لا قيمة لها ، و أن يكون " النقصان و الخوف من النفاذ هما أصل كل شبق " يملأه بغواية الحياة ؛ أن يكمل الشوط حتي آخره .
الواحد يرجو شيئًا حقيقًا يسير معه لنهاية الشوط ، و أقصد بالشيء الحقيقي ، الشيء الذي يكون الواحد حرًا معه و منه ، لا يستنزفه أو يكون السير و الاستمرار معه مشروطًا . و حين لا يجد الواحد شيئًا حقيقًا ، يبدأ في بناء الحواجز ، علي ارتفاع و قوة بحيث يصبح الواحد نفسه ملاذ حقيقي من الاضطراب و الألم الذي قد يشلانه .
ما بيني و بينك عصيٌ علي التصنيف ، كل صمت بيننا ورد ، كل كلمة ورد أكثر . أحب حبك للأشياء ، أحب أنك تخبريني بأمور تظنيها تافهة كأنك اشتريتِ دفتر تلوين ، رسمت وردة بطلاء أظافرك و فيلم " Despicable Me" يجعلكِ تضحكين . قد نتمشي سويًا و نستمع لموسيقي تشايكوفسكي و نفتش ، عن انتصار المغلوبين في موسيقي " ماهلر" أو المواساة في موسيقي " موزارت" الذي كان مثلك ليس من هذا العالم .
تعرفين : كل شيء مبرر في هذا العالم غير المبرر .
يُضيرني ، أنك لا تعرفين أن خوفك مبرر، أنك لا تحبين نفسك ، تظني نفسك سيئة و لا تدللينها . يُضيرني أنكِ لا تقوي علي البقاء في الليل وحدك ، تريدين قول : " هل يمكن أن تبقي قليلًا ؟ " لكنكِ تتردين . حاجتك الماسة للبوح تقابلينها بأقصى درجات الصمت . ترغمين نفسك أن تكوني قوية في الوقت الذي تودين فيه أن تكوني ضعيفة ، و تندهشين للذي في يدك و لم يسقط و أنكِ لم تقابلي شيء يجعلك ترغبين في البقاء .
يُضيرني أن الأشياء من حولك تصيب أزهار جسمك ، أنكِ حين تبكين ، لا تنبت وردة علي صدرك ، و حين تضحكين لا تخرج العصافير من رأسك .
في الوقت الذي تحسين فيه بجسدك ينفصل عنكِ ، تنفجرين بالضحك ، تقهرين أي خوف أو يأس . أمورك أبسط من وردة ، تحبين نفسك ، و تقومي بأمورك بحب . لديكِ صوت ، و قلب للطريق و لا تخافين خسارة شيء .
كل نور يليق بكحل عيونك .
الفراشات ،
تحلم أن تطير دون توقف
حتي تقبّل القمر
وحدك ،
كانت الفراشات
تنتقل من وردة لوردة
لتضع القبلات علي جبينك .

أُذكركِ أنكِ حلوة .

حقوق الطبع والنشر ، محفوظة لـ مجلة انا وذاتي