Social Icons

الرسالة السادسة عشر لـ تدرين : وليد حمدي اسرائيل

تدرين :
 عاش " ألبير قصيري " حياته عاشقًا للكسل ، عاشق للتبطّل كقس نذر حياته للكسل . يسخر من الحياة بالروتين ، حافظ علي ما يفعله كل يوم لا تغيير . كان حين يُسأل عما يرتجيه من قارئ روايته ، يجيب : " ألا يذهب للعمل " . حياته تتمحور حول امحاء ذاته و احاطة نفسه بأسرار بقي معظمها عصي علي التبسيط حتي الآن .
قبل سنوات من وفاته سأله صحفي : كيف تريد أن تموت ؟ قال : على فراشي في غرفة الفندق، وقد تحقق له ما أراد . كانت الحركة الأخيرة في حياته، بعد سقوطه عاريًا وسط غرفته، أنْ سحب ملاءة الفراش لكي يستر عري جسده الذي عمّر لأكثر من تسعين عامًا. لأنه ببساطة أقام ومات في فندق، وموتى الفنادق والنزل يعدّون غرباء بحسب القانون الفرنسي . علّق مدير الفندق وهو يتابع السفر الأخير لزبونه الشهير قائلا: "ربما قد يروق هذا الخروج له "
في احدي روايته يقول : " “أما بالنسبة لي ، فطيران طائرة ورقية يكفي لجعلي سعيداً، حكومتك لا تهمني إلا بقدر ما تسليني، ولا يهمني موتها، فأنا مرعوب من البكاء”
السخرية أعظم ما يمتلكه الواحد بعد الحب . يسخر الواحد من كل ألم ، من كل أذي مر به ، و لا يشعر بالشفقة أبدًا . و الحياة أحيانا كلعبة قاسية ، لا تكون ممكنة إلا بالسخرية ، التي تجعل الواحد ينظر بعين الانتصار لكل ما يضايقه و تعلم الواحد التمهل و التواضع لتجاوز و انتظار الأمور . يقول " ريجيس دوبريه " : " فقد أصبحت أكثر تواضعًا بما فيه الكفاية لتنتظر بهدوء، وبغير استفزاز، دورك يوم يحدث لك ذلك ...، فلا تستعجلْ، إن لديك مُتّسعًا من الوقت "
الواحد لا يدينه أبدًا ، أن أراد حنانًا من أحد . و ليس دليل سوء أن ينتظر كل شيء و لا ينال شيء . ما يبقي للواحد من خذلان ممن مروا ، لا شيء ، إلا أن يكون سببًا لنسي كنتيهم عاريًا منهم . و تصير " الذكريات مجرد عصافير علي الكتفين " ما ان نكمل طريقنا يهبوا عن الكتفين و لا نسمع وقعهم مرة أخري" .
أحيانًا ، ما يتركه المارة قش أسود . كل نطفة يمكن أن تكون نجمة .كل عتمة تغري بقمر . ما يسقط يمكن أن نصعد فوقه نافذة لرؤية نافذة للإصغاء و ها هي حصتك ينبت الورد في يدك
ما فات قد فات . أنتِ الآن حرة و حرة . تكونين أنتِ . لا تخطئين لفظ اسمك تملئين فراغك دونهم . تغادرين الظلال الباردة و لا حاجة لكِ بها ، الملائكة تُضاف إلي أحلامك و لا تنشغلين بتخليد مومياوات غير صالحة و أنتِ جميلة كوردة ، زاهية كنرجسة . تجمعين أحلامًا و ترسمين ما يكفي لخلق ما تتمنين . لم تكوني بطيئة في السير و لا معطوبة بالضرورة . لا تنسي جمال عيونك . تملكين عينين جميلتين ، بلون القهوة لكنها تسكر . و لستِ أنتِ وحيدة كدمعة أبدًا .
تفتشين عن حقائبك الملونة و طلاء أظافرك ، تستعدين الفرح الذي اختبأ في رعشة مرآة خوفك . تكونين أحلي حين تضحكين . ترقصين ، تصبحي أجمل . تصيرين أكثر سكينة ، لا حائط ساقط و لا زهرة يابسة .
و أنتِ أولي بالحكاية .

أُذكركِ أنكِ حلوة

حقوق الطبع والنشر ، محفوظة لـ مجلة انا وذاتي